خاص – حلووول. 24-08-2016 آخر تحديث 06-09-2016
تقرير: رانية النتيفي. صور: مريم الناصري.
على ركح قصبة كناوة التاريخية بمدينة سلا، تآلفت الأنغام بعذوبتها وفنون السيرك بإبهارها في عرض”أماكن” من فعاليات مهرجان قراصنة لفنون السيرك. كان ذلك في لوحات فنية من توقيع المخرجة المتألقة “فاطم العياشي”. حيث شهد العرض نجاحا كبيرا جعل الجماهير تملأ المكان لتحظى بنصيبها من اللوحات الفنية الراقية والموسيقى المتنوعة.
عرض “أماكن” يكسر الحواجز بمهرجان قراصنة
يروي العرض حكاية حول 3 نساء: زاهية وعشتار وأجليك، من جنسيات ولغات مختلفة، عربية وعبرية وتركية، حيث يجدن أنفسهن تائهات في بلدة “قراصنة” التي يحكمها الشعراء والموسيقيون والبهلوانيون، وذلك من خلال لوحات فنية استعراضية وغنائية بأكثر من لغة، من تجسيد وغناء كل من سونيا غنام و زينب أفيلال (المغرب)، فانيسا بالوما (كولومبيا)، زينب كايا (تركيا) مع طلبة المدرسة الوطنية للسيرك “شمسي”.
مشاركة أيقونة الموسيقى الأندلسية زينب أفيلال
تقول الفنانة زينب أفيلال لمجلة حلووول، والتي جسدت دور غجرية من بلدة “قراصنة” وتميزت بمشاركتها في العرض بأغنية تركية بعنوان “yaban gulu” رفقة الفنان الفرنسي ذي الجذور الإيرانية “أراش سركيشك” ثم بشكل فردي أغنية “مازال حي” للفنان الجزائري ليلي العباسي إضافة إلى تقديمها النوبة الأندلسية “هب النسيم على البطاح” بمشاركة سونيا غنام، فانيسا بالوما وزينب كايا في لازمة الأغنية مما جعل للموسيقى الأندلسية حضورا في سياق يكسر الحواجز و مختلف كليا عن سياقها التقليدي.
“إن هذه ليست أول مشاركة لي بعمل فني بهذا القالب، فقد شاركت بافتتاح الدورتين السابقتين مهرجان الموسيقى العالمية العريقة بمدينة فاس ولم تكن تجربة تقليدية.غير أن هذا العرض به تجديدا واختلافا جعله يصنف في قريبا من المسرحيات الغنائية، إضافة إلى وجود عنصر السيرك. هي تجربة جعلتني أكتشف أمورا جديدة في نفسي كالغناء بلغة أجنبية،كما أن أداء أغنية أندلسية في لوحة موسيقية تضم قوالب موسيقية متنوعة ومتعددة الألسن بحد ذاته إنجاز.”
“التخوف دائما موجود، فهو غريزة طبيعية. لست أنا من يحكم.. غير أن العمل قد تكلل بالنجاح وهذا ما لمسته من ارتسام الجمهور وهذا شيء جميل. إنها فعلا نقلة نوعية في مسيرتي، فقد قدمت النمط الموسيقي الذي أتخصص فيه وسط مجموعة مختلفة من الأنماط واللغات. فأن تحمل موسيقاك وقالبك الفني من خلال لوحات بهذا الشكل هو نقطة أؤكد عليها، إن موسيقانا قادرة على تخطي الحدود وهذا شيء جميل بالنسبة لي.بالإضافة إلى نقطة غنائي لجمهور “غير متخصص” قادم لمشاهدة عرض السيرك.”
فانيسا بالوما وزينب أفيلال
الفنانة الكولومية فانيسا بالوما: الموسيقى تجعل إنسانيتنا المشتركة تستفيق
في تصريح خاص لمجلة “حلووول” تقول الفنانة الكولومية فانيسا بالوما التي جسدت دور “عشتار” وقدمت أغنية فردية بعنوان La llorona وأغاني أخرى في سياق العرض والشخصية التي تقدمها، حيث أدت اعتمادا على الصوت لقطات حزن ووجع وفرح جعلت الجمهور يفهم عمق المشاهد ويتفاعل معها رغم العائق اللغوي.
“أنها لمغامرة بالنسبة لي أن أعمل مع فناني السيرك، فذلك لم يخطر ببالي قط. من المبهر رؤية التناغم بين حركات الأكروبات الجسمانية والأصوات لإيصال رسالة ذات أحاسيس عالية. كما أن استخدام “عجلة السيرك” وإدراج هذا النوع من الحركة في السيناريو أعجبني جدا. أحب إغناء معرفتي بميادين أخرى وهنا كان ذلك بحركة جسمانية.”
“الغناء من أقوى وسائل التعبير في الإنسانية…وصوت الإنسان في حد ذاته يوصل عن طريق رناته الحب والألم والوجع والفرح والروحانية…الكلمات لا تعطي سوى مستوى آخر لهذا التعبير الدفين للروح. لذلك، المغني الجيد يوصل العمق سواء بلغة واحدة أو عدة وهذه ليست بإشكالية. فالصوت الشجي يستطيع تخطي الحدود اللغوية.”
“الموسيقى تجعل إنسانيتنا المشتركة تستفيق. عندما نتمايل مع نفس الإيقاعات أو تلمسنا نفس الألحان ننسى الخلافات الصغيرة والغبية التي خلقها البشر ضد بعضهم البعض من أجل الاحتياج للسلطة والمال والأنا. الفن من طرق كسر هذه الحواجز التي تأخذنا بعيدا عما هو ربّاني وما هو فعلا إنساني”
مشاركة الفنانة الواعدة سونيا غنام: أدركت إلى أي مدى تتقارب وتمتزج الفنون
تقول الفنانة الواعدة سونيا غنام التي أدت دور زاهية وغنت كذلك بإحساس رقيق وصوت حساس بلغات مختلفة كما كان لها مشاهد درامية في العرض:
“إن الخوض بتجربة “أماكن” كان فريدا من نوعه، كان لي الحظ أن أشارك في مغامرة تضم الفنون والثقافات واللغات. كان محور الحفل هو خلق فضاء يعكس غنى الحوض الأبيض المتوسط، القاسم المشترك بين عدة لغات وثقافات وتصورات. أحب المشاركة والتعلم من الغير، وخاصة إدراك إلى أي درجة الإنسان هو الإنسان، لذلك، في نفس العرض، عشقت أداء أغان قادمة من آفاق بعيدة وبعدة لغات.
لقد أغنتني كثيرا هذه التجربة، كما أنني كنت محظوظة بالعمل مع فريق جميل جدا. أدركت إلى أي مدى تتقارب وتمتزج الفنون. العمل إلى جانب فناني السيرك كان فريدا ومميزا، أما التقاسم معهم فهو غنى نادر جدا. “أماكن” جعلني مختلفة عما كنت، بحساسية أكثر ولمس أعمق للجمال في عالمنا، ومفعمة بالأمل للمستقبل.”